30 - 06 - 2024

تعا اشرب شاي | والمتهم بعيد عنك .. حمار

تعا اشرب شاي | والمتهم بعيد عنك .. حمار

(أرشيف المشهد)

  • 11-5-2015 | 18:28

مكتب السيد المحقق يكتظ بعشرات المتهمين ، الجو خانق ورائحة عرقهم و التبغ الذى يفوح من افواههم ﻻ تطاق ، بينما حبات العرق تتصبب من جبين المحقق وقد شمر عن ساعديه وبدت على وجهه علامات الضيق والتعب ، تداخلت اصوات الموجودين مابين معترض واخر يبكى بمسكنة وهو يقسم انه برئ ، التفت اليهم فجأة و اخذ يصرخ فى وجوههم كى يلزموا الصمت ثم إلتفت الى الحاجب قائلا : دخل يابنى المتهم اللى بعده.

فتح باب المكتب واذا بحمار يتمخطر داخل حجرة السيد المحقق.

كان المشهد اصعب من ان تحتمله اعصاب الرجل المرهق.

التفت الى الحاجب وهو يصرخ : ايه دا يا بنى وفين المتهم ؟ الله يخرب بيوتكم عالصبح.

الحاجب يضرب تعظيم سلام للمحقق وهو يقول : هو دا المتهم يافندم.

يتميز المحقق غيظا وهو بتمتم فى سره : اهو دا اللى كان ناقصنى ، ثم يلتفت الى الباشكاتب قائلا: افتح يابنى المحضر.

ينظر الى الحمار طويلا وهو يتأمله ثم ينفخ قائﻻ : اسمك وسنك وعنوانك.

الحمار : هاء هاء هاااااااااء

المحقق يلتفت لأحد أمناء الشرطة بجواره : اندهلى يابنى على أى عربجى من اى داهية عشان يترجملنا.

لحظات ويعود الأمين ومعه العربجى وقد تلبسه الفزع والخوف.

العربجى : تحت أمرك يا سعادة الباشا.

المحقق ترجملنا يابنى النهيق بتاع الحمار.

يتنفس المترجم بإرتياح ثم يستمع الى الحمار و يقول : اسمه حمبوزو .... سكنه فى زريبة التوهان ... سنه تسع سنين.

ينظر المحقق الى الحمار بإستهتار قائلا : عيل يعنى........ ينهق الحمار بشدة.

المترجم : بيقول لحضرتك هو انت فاكرنى بنى آدم زيكم !! الحمار منا وهو عمره تسع سنين بيبقى متجوز و مخلف جحشين تلاتة.

يرد أحد المتهمين بحقد : تسع سنين متجوز ومخلف ياقادر وأنا عمرى تسعة وتلاتين سنة وممسوك فى قضية تحرش عشان مش عارف اتجوز!!

المحقق موجها كلامه للمتهم : اخرس خالص ، انت فاكر نفسك حمار !!! ثم يقوم من مكانه و يسلط ضوء كشاف اﻻضاءة على وجه الحمار ثم يدور حوله و يقف امام وجهه فجأة قائلا: انت موجه ليك تهمة الشروع فى هجرة غير شرعية واثارة البلبلة والفوضى فى ربوع البلاد ، دخلت إزاى المطار؟ و بتشتغل لحساب مين ؟ وكنت مسافر فين ؟ نهق وقول بسرعة قطر وﻻ تركيا؟

الحمار يصاب بهياج وينهق فى رعب بالغ ، بينما يقول العربجى : بيقول حتكهربونى وﻻ إيه يا باشا؟

يضحك اﻻمين و الباشكاتب بشدة بينما يرد المحقق بغضب : نكهرب مين يابنى ؟ دا حتة حمار. ينظر المتهمون الى الحمار بحسد بالغ ، بينما يستمر الحمار فى اﻻعتراض فيقول المترجم : بيقول : ببقى حتقلعوا الحمارة بتاعتى البردعة وتجيبوا حمار يتحرش بيها ، وبيقولك ياباشا أنا غلبان صحيح بس حمار أوى لمؤاخذة.

المحقق بنفاد صبر : واضح انك بتتفرج على أفلام عربى كتير يا حمبوزو ، يابنى مفيش الكلام دا ، و رد على أد السؤال بدل ما أعلقك فى السقف من ديلك.

الحمار ﻻ ينطق ، ينظر المحقق الى العربجى قائلا : ماله دا ؟ فيرد العربجى : حرن يا باشا ، فيرد المحقق : خليه يتكلم بالذوق بدل ما اتصرف معاه بطريقتى... يرد العربجى : يا باشا انت فاكره بنى ادم ؟ الحمار ما دام حرن يبقى مفيش فايدة

يلتفت المحقق الى الحاجب قائلا : هاتله يابنى شوية تبن وعصير برسيم ... مش عارف انا اصطبحت بوش مين النهاردة؟

العربجى مقاطعا : بيقول لحضرتك خللى السكر مع نفسه.

ينظر المتهمون الى الحمار و يكادون أن يسخطوه فأرا بأبصارهم الشاخصة إليه بغل واضح.

انتهى الحمار من طعامه ثم بدأ يتحدث : يا بيه احنا طول عمرنا عايشين فى الزريبة دى جحشا عن حمار ، بس الحالة بقت كرب ، تصور حضرتك ان فيه ناس متشردة بقت تيجى تنام معانا فى الزريبة فى وسط جحوشى الصغيرين ، والحمارة بتاعتى لمؤاخذة مش واخدة راحتها فى الزريبة خالص، دا غير ان جحش من وﻻد اخويا اختفى وبعد ما دورنا عليه لقيناه متعلق فى محل كبابجى ، يرضى مين دا يا باشا ؟

المحقق يسأله بقلق وقد وضع يده على بطنه وهو يكاد ان يتقيأ : الكبابجى اسمه ايه يابنى طمنى ، هو فاتح فى الهرم ؟

الحمار : ﻻ يا باشا ، يرد المحقق بإرتياح : يا سيدى بلاش تدق كدة خلى جلدك تخين ، ما إحنا وﻻدنا بيتخطفوا و بتتسرق أعضاؤهم برضه.

الحمار بإعتراض : معلش يا باشا بس إنتو مش حمير.

المحقق يطأطئ راسه فى أسى على ويقول مؤمنا على كلام الحمار : عندك حق ، اتفضل كمل.

الحمار : انا يا باشا كنت مستحمل وراضى، لكن ما بقتش قادر عالشغل ، انا باشتغل فى ظروف غير حميرية بالمرة ،سواقين التكاتك والميكروباصات بيمشوا زى المجانين فى الشوارع ... الشغلانة لمت يا بيه ، حولوا حياتنا لجحيم ، خلاص بقيت اخرج الصبح مش عارف حاقدر ارجع بالليل لجحوشى وﻻ ﻷ ؟

يكاد المحقق ان يبكى وهو يقول : آه والله صح ، كمل كلامك.

بس لقيت قطة جارتنا قعدت تلعب فى راس حمارتى و توزها عالهجرة وفى الآخر هربت عالمطار وركبت الطيارة وشفنا حفاوة استقبالها فى بلاد برة فقلت اطلع اجرب حظى واعمل قرشين ينفعوا الجحوش لما يكبروا ، يبقى انا كدة غلطت يا باشا؟

وقبل ان ينطق المحقق ، يدخل الحاجب ويهمس فى أذنه فيرد قائلا : دخلها فورا.

فإذا بسيدة رائعة الجمال واﻻناقة تحمل ملامحا اوروبية تتقدم نحو المحقق قائلة : انا إلين ريتشارد ، جاية من لجنة هقوق هيوان أشان اهضر تحكيك مع همبوزو.

هنا كاد المتهمون أن ينتحروا فى اماكنهم وقبل ان ينطق السيد المحقق دق جرس الهاتف ، فرد المحقق بإرتباك : أوامرك معالى الباشا ، حاضر يا باشا ، سعادتك تؤمر يا فندم.

التفت الأمين الى السيد المحقق بعد ان اغلق الخط وقد ﻻحظ اﻻنزعاج الذى علا وجهه وهو يجفف عرقه بعصبية واضحة وسأله : خير يا باشا؟

رد المحقق فى ذهول : نشطاء الفيسبوك وتويتر و انستجرام عاملين صفحات "كلنا الحمار حمبوزو" "ولست وحدك يا حمبوزو" وسيدات الروتارى والليوينز عاملين ندوة بعنوان: خلى بالك من حمبوزو!!!

ثم نظر الى الكاتب قائلا : سجل عندك يا بنى : يخلى سبيل المتهم بضمان محل زريبته ، مالك يا بنى ما تكتب ، انت رايح فين يا حضباشكاتب؟ يا بنى فيه ايه ما ترد عليا.

الباشكاتب وهو يخطو بعجلة خلف الحمار الذى إتجه بدوره صوب الباب : أنا مستقيل يا فندم ورايح أعيش مع حمبوزو.

مقالات اخرى للكاتب

جاء فى مستوى الطالب الضعيف





اعلان